06-24-2024, 02:49 PM | #1 |
|
ما هو مقياس عظمة البناء ؟ هل هل ضخامته ؟ هل هو ارتفاعه ؟ هل هو اتساعه؟ هل هو كل هذا أم شىء أخر ؟ بالطبع لا يمكن أن تكون تلك المقاييس هى مقياس العظمة فمقياس عظمة أى شىء هى : مدى افادته للناس دعونا نسأل أنفسنا : بم أفادت الأهرامات الناس ؟ إنها أبنية ضخمة عالية متسعة أكبرها يشكل مساحة قرية على مساحة 13 فدان عند القاعدة ومع هذا لم يمثل هذا المبنى الضخم الواسع المرتفع أى فائدة للشعب عندما يقال أن كل هذا المبنى بنى كمدفن لشخص واحد يدعى خوفو تصور كم الأموال التى أنفقت على هذا البناء تخيل كم العمال الذين اشتغلوا فى بناء هذا المبنى على مدار عقود تخيل كم الجهد المبذول لكى يخرج البناء على تلك الصورة إنها أموال تقدر حاليا بمئات المليارات ومع هذا المبنى قائم لا يفيد أحد تخيل أنه بنيت مساكن للشعب بتلك الأحجار بدلا من بيوتهم الطينية التى كانت الفيضانات تهدمها كل عام فى أنحاء البلد بناء كهذا كان سيسكن قرابة نصف سكان البلد فى ذلك العهد فى بيوت متينة ولكن فى النهاية هو بناء ممن صدق فيهم قوله سبحانه : "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا " دعونا نذهب بعيدا ونتحدث عن مبنى تاج محل فى الهند وهو ليس مبنى ضخم كالأهرامات ولكنه مجرد ضريح كبير بناه أحد الملوك شاه جاهان لزوجته الحبيبة ممتاز محل ليكون قبرها تخيل مبنى من المرمر الأبيض النادر الوجود وما أدراك ما المرمر على مساحة أقل من ألف متر وهو مزين بكل الأحجار الكريمة فى العالم وحتى قبابه كانت من الذهب والفضة واستعمل لبنائه عشرون ألف عامل قرابة ثلاثة وعشرين سنة تخيل أن هذا المبنى المرمرى أحيطت به حديقة واسعة المساحة تقدر بثلاثمائة متر مربع كان لا يدخلها سوى الملك وأقاربه مبنى تكلف مئات المليارات بأسعار زماننا هذا تصور أن هذا الملك المغولى لو بنى مساكن لشعبه بهذا المقدار من المال لأسعد شعبه ولم يكن هناك فقراء المبنى الضريح على هذه المساحة كلها أقيمت لكى يدفن فيها الملك والملكة قبالة بعضهما ماذا استفاد الشعب من المبنى أو من حب الملك للملكة التى ماتت قبله ؟ لا شىء دعونا نذهب إلى الصين حيث أطول مبنى فى العالم الذى يمتد لعدة آلاف من الكيلومترات على حدود الصين وهو : سور الصين العظيم الغريب أن الهدف من بناء السور كان حماية الصين من أعدائها ومع هذا دخل عشرات الغزاة إلى الصين عبر السور رغم وجود السور لم يحم السور الصين من احتلال غيرها لأراضيها كالانجليز والبرتغال واليابانيين بالطبع مقولة الأسوار الدفاعية فى الحروب لم تفلح مددا طويلة فى الحماية فكل الأسوار الحربية تم اختراقها بأفكار بسيطة مثل حصان طراودة التى ظلت عصية سنوات على دخولها ولكن عن طريق حصان خشبى تم اختراقها كما تقول الأسطورة أين ذهب خط ماجينو بين ألمانيا وفرنسا ؟ لم يحم فرنسا إطلاقا وإنما دخلته القوات الألمانية فى الخرب العالمية الثانية فى ساعات رغم أنه استغرق قرابة العشرين سنة لانشائه ؟ أين ذهب خط بارليف على قناة السويس ؟ فى ساعات تم هدم ما تم بنائه فى عدة سنوات ولم يحم العدو الإسرائيلى أين ذهب السور العازل الذى ما زال الصهاينة يبنونه ويطورونه فى كل منطقة ؟ فى ساعة واحدة تم اختراقه فى السابع من أكتوبر الأسوار لا تحمى الناس الذى يقيمونها وإنما الناس هم من يحمون الأسوار فإذا زالت قوة عزيمتهم فالمبانى لا تحمى أحد وفى رواية يوتوبيا لأحمد خالد توفيق تنبأ بظهور مدن الأغنياء ذات الأسوار وأن السبب فى دمارها هو نزوات أولادهم للاعتداء على الفقراء وأخذ تذكارات من أعضاء ككف أحدهم أو ذراع أو رجله أو غيرها ظنا منهم أن الفقراء لعبة لهم يمكن قتلهم والاحتفاظ بأعضاء منهم كذكرى لانتصارهم كما يحكى عن القبائل المتوحشة التى كانوا يعلقون جماجم من قتلوهم فى بيوتهم كتذكارات دالة على قوتهم وطبعا من خرموا الأسوار وأدخلوا الفقراء كان هؤلاء الأولاد ومن ثم كانت نهاية مدن الأغنياء على يد الفقراء الذين ضخوا بدلا من المادة المقوية التى كانت تنشر فى المدن للحصول على المتع ضخوا لهم البول والبراز ومن ثم تم القضاء على تلك المدن بوسيلة لم يتصورها أحد من الأغنياء دعونا نذهب إلى عصرنا الحالى حيث تتبارى العواصم فى اقامة الأبراج اقتداء بالبرج الهالك المعروف ببرج التجارة العالمى وما قبله من أبراج أمريكية فى مدن الولايات المتحدة والذى كما تزعم الولايات المتحدة هدمه تنظيم القاعدة عن طريق ثلاث طائرات دخلت البرج وانفجرت داخله وقد اتضح فيما بعد أن المخابرات الأمريكية هى من دمرته من الداخل وأن صور الطائرات كانت صور هولو جرام وهو تقنية تصويرية تنقل صورة الشىء بالضبط على جدران المبنى دون أن تكون حقيقية العواصم العالمية طوكيو وكوالالمبور وأبو ظبى ودبى وبكين .... وغيرهم أقاموا أبراجا تتجاوز الأربعمائة متر والخمسمائة ليس من أجل فائدة الشعب ولكن لكى تحصل المدينة على : لقب صاحبة أطول برج فى العالم بالطبع تلك الأبراج تكلفت عشرات أو مئات المليارات ومع هذا أصبحت مجرد مقار للشركات العالمية والفنادق من نصف قرن كانت البلاد الشيوعية والاشتراكية تتبارى فى اقامة أبراج أو مجمعات ليس من أجل الطول أو الارتفاع أو الاتساع وإنما ظنا منها أن تسهل على المواطنين فيها تخليص الخدمات التى تقدمها الوزارات المختلفة من خلال جمعها فى مبنى واجد كمجمع التحرير فى القاهرة وهى فكرة وإن كان ظاهرها خير للناس فكانت وبالا عليهم لأنها تمثل مركزية الإدارة فكان الناس من كل المحافظات أو الولايات يأتون لتلك المجمعات ويعملون زحاما فى المنطقة لا مثيل له وبدلا من سهولة الاجراءات كانت الاجراءات تحتاج وقتا طويلا لتخليصها نظرا لتجمع أعداد كبيرة فى نفس الوقت كمثال كان الصعايدة والذين من محافظات بعيدة يقومون بالسكن خلال فترة تخليص الأوراق فى شقق أقاربهم المقيمين بالقاهرة وفيما بعد قام الكثيرون بالسكن فى القاهرة والعمل بها حتى لا يتعب فى تخليص أوراقه ويضطر للمبيت عند أقاربه وهو ما تسبب فى ما أسموه بالانفجار السكانى والعشوائيات فى القاهرة التى لم تصبح القاهرة وإنما القاهرة الكبرى فيما بعد عرفوا اللامركزية وبدأ توزيع المهام على المحافظات وبقت اجراءات قليلة هى التى لابد من السفر للعاصمة لتخليصها ولكننا فجأة عدنا إلى الخلف فى عصر الحواسب والتى تمثل فكرة ممتازة للامركزية باقامة مدينة إدارية وهى لا تفيد الناس حاليا لأنها ستسبب نفس المشاكل لأنها سبق وأن أقيمت فى العديد من الدول ولكنها لم تحل مشاكل العاصمة القديمة مثل اقامة أبوجا بديلا للاجوس فى نيجيريا ومثل اقامة برازيليا بديلا للعاصمة ريودي جانيرو فى البرازيل ونيو دلهى بدلا من كلكتا ودلهى القديمة فى الهند فى عصر الحواسب والاتصالات لم يعد أحد بحاجة لمبانى أو أبراج ضخمة فمبنى صغير يعمل فيه عدة مئات من الموظفين على الحواسب يستطيع أن يقوم بما كانت تقوم المجمعات الوزارية نعود لاجابة السؤال وهو : ما هو المبنى ألأعظم؟ الاجابة : هو المبنى الذى يفيد الناس حيث يقدم لهم الطعام أو الكساء أو أى شىء مما يسهل حياتهم تخيل أيها القارىء أن مخزن التموين أو شونة تجميع المحاصيل أو مخزن الملابس فى بلدك هو أعظم من الأهرامات وأعظم من الأبراج والأسوار والتماثيل وكل شىء مما يطلقون عليه : عجائب الدنيا لأن تلك الأماكن هى التى تفيد الناس فتقدم لهم ما يقوتهم ويبقى على حياتهم |
06-25-2024, 11:58 AM | #2 |
|
|
|
|